مظلمة واحدة وأنا قد ظلمت عدد المدر والوبر) (1).
ومنها مناشدته القوم يوم الشورى النصوص عليه من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتصديق القوم إياه كخبر الغدير وخبر المنزلة وقصة براءة وغير ذلك مما ذكرناه أولا، فقطع عبد الرحمن بن عوف كلامه ولم يلتفت إلى تلك النصوص، ولم يعدل بها عن بيعة عثمان، وأضاف إلى ذلك تهديده بالقتل إن لم يترك الاحتجاج، وينفذ لبيعة عثمان، وقد ذكر ابن أبي الحديد أن ذلك مما استفاض في الروايات، وهذا من أدل الأدلة على ما ذكرناه من أن القوم لم يعتنوا بنص النبي (صلى الله عليه وآله) وخالفوه تعمدا، ويقوي قولنا إن الذي منعه من ذكر النص في يوم أبي بكر إن صح أنه لم يذكره علمه بأنهم ينكرونه أو لا يلتفتون إليه، وربما يؤدي الأمر إلى قتله إن أطال الخصام بالنصوص، وما ابن عوف باشد من عمر ولا عثمان بأرغب في الخلافة من أبي بكر ولا بأقوى على ذلك منه، والأمر واضح، فبطل ما قال ابن أبي الحديد من أن ذكر النص كان أسهل عليه حين ساموه البيعة من التظلم والاستصراخ بالأحياء والأموات، وتبين أن تركه ذكر النص إن كان أسلم له من كثير من الضرر.
ومنها قوله (عليه السلام): (حين أتوا به إلى أبي بكر ليبايع وهو ينظر إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني) (2) فجعل نفسه بمنزلة هارون وجعلهم بمنزلة عبدة العجل، وكفى بهذا وضوحا في تضليله إياهم، وقد روى الخصم هذا الكلام (3) وهو صريح أيضا في أنه (عليه السلام) كان مجبورا على بيعة أبي بكر مهددا بالقتل