ضارب في غمرة) يبين أن الأولين هم المرادون لا معاوية لأن معاوية من جملة الضاربين في الغمرات فهم بابه إذ لولاهم ما ولى معاوية الشام ولا تأمر عثمان على المسلمين، ولولا قضية عثمان ما قوي معاوية على الخلاف والنزاع وإيقاع الفتن، لكن ابن أبي الحديد يصرف القول عن معناه ويحرف الكلم عن مواضعه محاماة على المشايخ وأنى له بذاك وقد لاح الصباح؟ فانظر أيجوز أن يوصف بالرجوع عن الدين على الأعقاب وأنه معدن كل خطيئة، وباب كل ضارب في غمرة المشبه لآل فرعون في ضلالهم مع باقي الأوصاف من ترك الأولى وفعل المرجوح ولم يخالف نصا ولا غصب حقا ولا نهب ميراثا ثابتا بكتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كلا ما يجوز ذلك إلا لمن تعمد خلاف الرسول (صلى الله عليه وآله)، وإنكار نصه ونهب ميراثه من مستحقه على معرفة ويقين وذلك ما نقول.
ومنها قوله (عليه السلام): وقد سأله رجل من بني أسد: كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به فقال للسائل: (قد استعلمت فاعلم، أما الاستبداد علينا بهذا المقام ونحن الأعلون نسبا، والأشدون بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نوطا، فإنها كانت إثرة شحت بها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين، والحكم الله والمعود إليه) (1) وهذا الكلام في غاية الوضوح في إرادة الأولين سؤالا وجوابا، لأن من البين أن مراد السائل استعلام السبب الذي لأجله منعت قريش أهل البيت من مقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد وفاته مع أنهم أحق به في جميع الأحوال من كل أحد من الناس وأقامت في ذلك المقام غيرهم، والاستخبار عن علة ذلك والدفع المسؤول عنه هو ما كان بعد قبض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنه هو الفعل الحادث الذي تعلق السؤال بسبب حدوثه من القوم وما بعده