قريش أبدا بخلاف باقي قريش فإنها تنتقل فيهم، فربما يقدم أحدهم صاحبه لغرض وليردها عليه عند موته كما فعل الثلاثة في السقيفة، فلذلك استقر رأيهم على منع أهل البيت ميراثهم من الرسول (صلى الله عليه وآله)، ودفعهم عن حقهم، ولأجل هذا كله عدل أمير المؤمنين عن ذكر النص واستغنى عنه! في مخاصمتهم بالقرابة وغيرها مما ذكره من حيث لا محيص لهم عن الاعتراف به، فحاله (عليه السلام) في ذلك الموقف غير حال أبي بكر في السقيفة، فإن عمر وأبا عبيدة كانا له ظهيرا، وعويم بن ساعدة ومعن بن عدي الأنصاريين كانا له ردءا، وهما على ما روى خصومنا اللذان استنهضاه على حضور السقيفة، واستحثاه على المبادرة إلى طلب الخلافة، وجشماه الدخول في هذه الورطة، مخالفة منهما لقومهما الأنصار، وأن بشير بن سعد وكان من رؤوساء الخزرج كان له سندا يخاصم عنه قومه، وأسيد بن حضير رئيس الأوس كان إليه مائلا، وكلهم طالبون منه الازدياد من الحجة، ومتعطشون إلى تظاهره على دفع الأنصار بالبينة، والباقون مصغون إلى ذكر الحجج غير مستنكفين عن قبولها منه، فلا مانع له من ذكر نص عليه لو كان موجودا ولا صارف له عن الاتيان بقول من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوجب له الفضيلة لو كان حاصلا، ومع هذا لم نره ذكر نصا عليه ولا قولا من النبي (صلى الله عليه وآله) يوجب المدح له، ولا حجة يختص بها تثبت له دعواه، ولا ذكر له صاحباه شيئا من ذلك، بل رأيناه وصاحبيه ذكروا حجة كانت برمتها لغيره، وكانت يده منها خلوا وهي القرابة، وأشياء لا توجب شيئا من مطلبه ولا تقضي بصحة مأربه وهي الصحبة في الغار والأمر بالصلاة كما زعم، وكل ذلك لا يفيده شيئا مما أراد لو كان للخصومة معه مجال، ولم يكن أمره مبنيا على التغلب لأن كون الحجة الأولى لعلي (عليه السلام) مما لا غباوة فيه.
والثانية أيضا لأن لقائل أن يقول: إن كان اختصاص النبي (صلى الله