ومنها أن الناس يعلمون أن خلافة النبي (صلى الله عليه وآله) لبني هاشم إما من جهة النص وإما من جهة القرابة، وأن إخراجها عنهم ولا يكون إلا بتمالئ قريش عليهم.
ومنها أن بيعة الناس لأبي بكر لم تكن برضى واختيار.
ومنها أن أبا بكر وأصحابه لم يسمعوا لأحد حجة ولا يحتجوا عليه بدليل ولا يقيموا على مدعاهم بينة، بل يلزمون الناس بالبيعة قهرا ويصرح بهذين الأمرين من الخبر قوله: لا يمرون بأحد إلا خبطوه إلى آخر الجملة، وذلك كله عين ما نسبناه إليهم من دون زيادة ولا نقص، فمن كانت حالهم هذه كيف يرجعون عما ملكوه بحجة أو يسلموا ما في أيديهم إلى صاحبه ومالكه بنص وبينة؟
ومنها أن جماعة من خيار الصحابة كسلمان ومن معه كانوا رادين بيعة أبي بكر ومنكرين خلافته، وكانوا يسعون في خلعه وإخراجه عن الإمارة جهدهم فما استطاعوا، فأين الإجماع والرضا؟
ومنها أن علماء الصحابة كحذيفة وأبي يرون أن تلك البيعة كانت شرا وما بعدها شر منها وذلك نص ما نقول، فهذه الوجوه كلها شواهد حق وأدلة صدق على ما ادعيناه، وما إلى القوم عزوناه من دخولهم في الأمر دخول مشاغبة وتغطرس واستكبار عن استماع الحجة، لا دخول متبصر منصف يميل مع الدليل حيثما مال ويقف مع النص أينما وقف، وينضاف إلى ذلك ما كان القوم عليه من الرأي والطريقة فإنه كان من هديهم وسجيتهم رد النصوص بالرأي وتخصيصها بالاستحسان، لا سيما فيما يوطد أساس الإمارة، ويقرر قاعدة الرئاسة وقد وصف ابن أبي الحديد ذلك قاطعا وجازما به في كلام له في سياسة علي وعمرو أن عمر كان مدار سياسته على ما يراه ما حكم به الشرع قال: ولسنا بهذا القول زارين على عمر بن الخطاب ولا