عدم وجوده، وهو مانع قوي وصارف جلي، وكيف لا يكون النص موجودا وهو بعد ذلك يدعيه ويشهد له عمه العباس به، ويعترف سعد بن عبادة بسماعه، ويشهد له ابن عباس بادعائه إياه، وعمر بن الخطاب كذلك كما مر فيما مضى ذكره، فعدوله عن النص والاحتجاج عليهم في موقفه ذاك بالقرابة من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أنها من جملة أسباب استحقاق الخلافة، بل من شروطه كما ذكرناه في موضعه ومع عدم قدرة الخصم على إنكارها وردها والقدح فيها بوجه من الوجوه هو عين الحكمة وحقيقة المعرفة وقوة نفاذ البصيرة في قطع الخصومة، فإن الحجة المذكورة كافية له فيما طلب وافية له بصحة ما ادعا وإثبات ما رام لو قبلوها منه كما قبلتها الأنصار منهم، أو أذعنوا لها كما أذعن لها خصمهم، وكيف يقبلونها ويذعنون لها وهم مصرون على العناد متواطئون على ابتزاز الأمر من صاحبه كما سمعت في الخبر من تعللاتهم العليلة ومما يؤيد ذلك ويوضحه ويكشف عن سره تدافعهم الخلافة في السقيفة وتراميهم بها بعد أن غلبوا الأنصار عليها بين ثلاثة فأشار بها أبو بكر إلى عمر أو أبي عبيدة وعرضها أبو عبيدة على عمر وردها عمر إلى أبي بكر، ولم يشيروا ولا واحد منهم إلى أحد من بني هاشم ولا ذكروهم في الأمر ولا في المشورة مع تحقق قرابتهم من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وظهور شرفهم وفضلهم، خصوصا علي بن أبي طالب الذي شاعت مناقبه واشتهرت سوابقه، وما اختفى على أحد علمه وفضله، فإعراضهم عن ذكره وذكر بني أبيه دليل صريح على تواطئهم على سلب بني هاشم خلافة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وابتزازهم سلطانه ودفعهم عن مقامه، ولازم ذلك تواطئهم على إنكار النص على أهل البيت ولم يكن علي (عليه السلام) ليجهل ذلك منهم.
ووجه آخر وهو أن مقصد القوم من العدول عن أهل بيت النبي (صلى