لذكر النص؟ وأي فائدة في إيراده وتعداده؟ وهل هو في ذلك إلا كرجل يدعى قبل آخر حقا وله على صحة دعواه بينة عادلة لكن المدعى عليه في حال المخاصمة أقر له بحقه وقال لا أدفعه إليك ولا أسلمه، فهل ترى يحتاج المدعي في إثبات حقه بعد إقرار خصمه به إلى إحضار بينته، أو يحكم عليه حاكم عادل بلزوم إحضارها في ثبوت حقه مع أن البينة لا يصار إليها إلا إذا لم يقر المدعى عليه بصحته دعوى المدعي؟ وإذا حصل الإقرار من المدعى عليه فلا حاجة إلى البينة، أفليس لا يبقى للمدعي بعد إقرار المدعى عليه له بحقه وإصراره على منعه إلا إجباره على تسليم الحق وأخذه منه قهرا؟ وإذا لم يجد المدعي من يأخذ له بحقه أو يعينه على استخراجه من خصمه ويخاف من مطالبته به وصول الضرر إليه لا يبقى له إلا الكف والسكوت إلى وقت التمكن، وكذا أمير المؤمنين (عليه السلام) فعل ما يلزم فعله في الشرع والعقل فإنه قرر خصومه بالحجة فأقروا له بالحق لقضية القرابة وأصروا على ترك تسليم حقه إليه، فلم يبق عليه بعد هذا إلا استخلاص حقه منهم بالجبر، واستخراجه من أيديهم بالقهر، فطلب الأعوان على ذلك وطاف على دور أهل السوابق من الصحابة مركبا فاطمة على حمار آخذا بيد الحسن والحسين يدعو الناس إلى معاونته على استيفاء حقه بالسيف إذ لم يبق غيره، فكان يبايعه بالليل أربعون رجلا على ذلك ويعدهم أن يوافوه صبحا فإذا أصبح لم يوافه إلا أربعة أو خمسة، حتى فعل ذلك ثلاث ليال وهذه حالهم معه كما صح عند خصومنا واشتهر بينهم، فلما تبين له الخذلان من الناس سكت وكف على ما في صدره من المضض وفي قلبه من الألم، إذ لم يبق بعد فقد الناصر وعدم المعين على أخذ الحق من الممتنع عن تسليمه إلا الكف والسكوت، لا سيما إذا كان الضرر في ترك الكف عنه مظنونا وصوله إلى صاحب الحق من ذلك الظالم أو من تابعيه، فليس لذكر علي (عليه السلام) النص في المقام موضع، ولا لإيراده موقع، وهو واضح لإخفاء فيه ومكشوف
(٤١٩)