لصحة هذه الحجة عندك من أن تقول لهم صدقتم الأقرب إلى الرسول أحق بمقامه وعلي أقرب إليه منكم فهو الأحق بمقامه من كل أحد فامضوا بنا إليه جميعا لنبايعه ونسلم إليه خلافة ابن عمه ثم يقال له هب إنك لا تدري أولا بقرابة علي (عليه السلام) من رسول الله، أو نسيت ذلك ثم علمت الآن أن الأمر حق لعلي (عليه السلام) بمقتضى حجة أبي بكر على قومك أليس من الواجب عليك إذ كنت قادرا انتزاع الحق من غير أهله وإيصاله إلى ربه ومستحقه ومساعدته على ذلك، وهل ذلك إلا بمنزلة شئ تداعاه اثنان فأقام أحدهما بنية على استحقاقه إياه فحكم له به، ثم جاء ثالث فاستشهد لك البينة فشهدت له بأنه حق فإن ينزع من يد الأول ويدفع إلى هذا أفليس في إعراضهم عن قبول الحجة التي دفعوا بها خصومهم على أنفسهم إذا احتج بها أمير المؤمنين (عليه السلام) عليهم دليل واضح وبرهان راجح وعلم لائح، على أنهم مجانبون للحق ومتعمدون على إنكار الحجة التي يوردها أمير المؤمنين عليهم كائنة ما كانت نصا أو الزاما لا يخفى ذلك من أمرهم على ذي فطنة وكل هذا نص مذهب أصحابنا الإمامية ومخالف لمذهب أصحاب ابن أبي الحديد المعتزلة ومناقض لأقوالهم من أن الجماعة لم يرتكبوا منكرا ولم يأتوا بباطل، ولم يردوا حجة صحيحة على أمير المؤمنين، ولم يفعلوا ما يجوز نسبتهم لأجله إلى الظلم والتعدي، وأنهم كانوا على غاية من الديانة والصلاح ومنزلة رفيعة من العدل والانصاف، وإنما غاية أمرهم أنهم فعلوا غير الأولى، وهذا أمير المؤمنين (عليه السلام) قد رماهم بجميع ما برئتموهم منه بموجب روايتكم، ونسبهم إلى ارتكاب المعصية ورد الحجة وعدم الخوف من الله، فما أدري أتكذبون روايتكم التي بها تحتجون، أم تفسقون من تعدلون، أم تطعنون في صدق أمير المؤمنين (عليه السلام) لنسبته الظلم إليهم، وهو الصديق الأمين لا محيص لكم عن اختيار واحد من هذه الوجوه الثلاثة فاختاروا منها - أكرمكم الله - ما شئتم يكن فيه قطع حجتكم واستئصال أصل
(٤٠٢)