شيئا منها ولا كانت ولا وقعت، وهو يحسب أنها حق لكثرة من قد رواها ممن لم يعرف بكذب ولا بقلة ورع " (1) انتهى. وقد صرح صدر الرواية بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبر الناس أن أهل بيته أولى بالناس من أنفسهم، وهذا هو النص عليهم ثم قوله (عليه السلام): (فتمالأت علينا قريش حتى أخرجت الأمر من معدنه) صريح في نسبة الظلم إلى المتقدمين، وقوله: (واحتجت على الأنصار بحقنا وحجتنا) واضح في أن القرابة من الرسول (صلى الله عليه وآله) أمر يستحق به الخلافة، وأن ذلك الأمر حقهم وحجتهم، أخذها غيرهم واحتج بها على الأنصار، والواجب عليه أن يسلم لهم الحق والحجة لأنها لهم دونه، والباقي من الخبر ظاهر وآخره يصرح بوضع القوم واتباعهم الأحاديث المكذوبة على ما يشتهون ويدعون، وأن أكثر ذلك كان في زمان معاوية، وقد أوضحنا هذا المطلب فيما مر فقد بان من جميع ما ذكرنا واتضح أن الخبر الذي استند إليه ابن أبي الحديد وعليه اعتمد في إبطال النص عاد بالآخرة دليلا لنا ومستندا لقولنا فاندفع لوم اللائمين وعذل العادلين، وتبين الغث من السمين، والحمد لله رب العالمين.
ثم نشرع الآن في الجواب عن شبهته والكلام على دفع ريبته، وإن كان فيما ذكرناه كفاية في إبطال حجته، لكن لا ندع الازدياد من الخير وكثرة الاستظهار بالحجج بعون الله فنقول: من تأمل وتبصره وتدبر وتفكر، ونظر في الأخبار والآثار نظر من أنصف واعتبر علم يقينا أن القوم إذ ارتكبوا من أخذ الخلافة ما ارتكبوا، وحين انتهزوا ما انتهزوا من الفرصة في إدراك الرئاسة، قد عضوا عليها بأسنانهم وقبضوا عليها بأناملهم، لا يرجعون عنها بنص ولا ينتظرون فيها مشاورة ذي فضل، ولا ينزلون عنها بحجة، ولا يبالون فيها من غضب ولا عدول لهم عنها إلا بالسيف لو حصل قد سلكوا فيها مسلك