أبي الحديد وأصحابه من رضى أمير المؤمنين بخلافتهم، وعدم منازعته إياهم، وأنه لم يطعن عليهم بظلم، ولا باتباع هوى، ولا بتظاهر على منعه حقا له، وكان الخصم قد ملأ كتابه من ذكر هذه الدعوى، والتظاهر بها على الإمامية، والخبر المذكور الذي به يصول ويجول يخدش هذه الدعوى ويبطلها كما اعترف هو به في كلامه المنقول فتبين أنه فيما يدعيه من رضا أمير المؤمنين بخلافة من تقدم عليه غير مصيب، وأن الإمامية في إنكارهم رضاه (عليه السلام) بها على الحق والهدى والصواب والمحجة البيضاء وهذا هو المراد والمطلوب.
الثاني إن الخبر قد صرح بأنهم قد سلكوا طريق العناد والعصبية، ولم يسلكوا مسلك الرشاد والحق، وذلك أنهم احتجوا على الأنصار بالقرابة من الرسول (صلى الله عليه وآله) وأخرجوهم من الأمر بهذه الحجة فلما احتج أمير المؤمنين عليهم بها أعرضوا عن قبولها، وأبوا العمل بموجبها، وضربوا عنها صفحا حيث كانت في هذا المقام مفسدة لما يريدون من الاستبداد بالأمر، واغتصاب علي (عليه السلام) حقه فأجاب بعضهم: بأنك لست متروكا حتى تبايع، فأظهر ما في نفسه من حمية الجاهلية وبعض أجاب: بانا لا نكرهك، وبعض أجاب: بأنك حدث السن، وبعض: بانا لم نسمع هذا الكلام منك قبل، وأي شئ في هذا كله من الجواب عما احتج به أمير المؤمنين (عليه السلام) أما الأول والثاني فظاهر، وأما الثالث فيقال له:
أولا إنكم لم تحتجوا على الأنصار بشيخوخة أبي بكر بل احتججتم بقربه من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهذا علي يحتج عليكم بهذه الحجة، فإن كانت عندكم حقا وجب عليكم تسليم الأمر إليه، وأن كانت عندكم باطلا فلا يجوز لكم أن تدفعوا الأنصار عن الأمر بشئ باطل، وحجة فاسدة عندكم، ويقال له ثانيا أين كبر السن يوم المؤاخاة بين الصحابة لم لا أستحق بها أخوة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ما نرى استحق أخوة