التفت إليها، بل جنحوا إلى إفسادها وإبطالها بالشبهات، فمال بعضهم إلى التعلل بحداثة السن وآخر إلى عدم سماعها قبل بيعته لأبي بكر فصرح أنه لا يقبل حجة بعد البيعة مع كونها عنده صحيحه، وما النص إلا حجة وقد صرحوا أنهم لا يقبلون الحجة من أمير المؤمنين (عليه السلام) لحداثة سنه ولسبق بيعة أبي بكر على احتجاجه، فمن بلغ أمرهم إلى هذا المقدار من ترك الإصغاء إلى سماع الحجة والعمل بها وهي الحجة التي يحتجون بها على خصومهم كيف يمتنع منهم إنكار النص لو أورد عليهم ويبعد عليهم رده لو احتج عليهم؟
الثاني: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) احتج عليهم غير القرابة بأشياء أخر كأخوة الرسول (صلى الله عليه وآله)، والعلم بكتاب الله، والفقه في دين الله وغير ذلك مما اشتمل عليه الخبر، فلم يعرجوا ولا واحد منهم على قبول ذلك منه وكأنهم لم يسمعوا ما قال وهم في السقيفة يحتجون على أحقية أبي بكر بالخلافة بفضيلته بصحبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الغار، فلما احتج أمير المؤمنين (عليه السلام) لنفسه عليهم بالفضل الفائق أعرضوا عنه ورفضوه فمن لم يقبل حجته لنفسه على نفسه كيف يقبل غيرها من الحجج أو يلتزم بها.
الثالث: اقتحامهم على بيت فاطمة وإخراجهم عليا ومن معه يسوقونهم سوقا عنيفا بعد التهديد بإحراق البيت عليهم إن لم يفتحوا الباب وتسمية الزبير كلبا كما مر ذكره في الخبر وغيره من الأخبار، وقد ذكر الخصم من ذلك في كتابه الكثير الواسع وذلك كله من دون أن يقيموا عليه حجة أو يوردوا عليه دليلا، ولو لم يكن من ذلك كله إلا قول عمر له (عليه السلام):
لست متروكا حتى تبايع، لكفى في الدلالة على ما نسبناه إلى القوم من عدم استماعهم للحجة وقبولهم للعذر أو وقوفهم عند النص.