اختيارهم، إن الإمامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلا مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم، إن الإمامة خص الله عز وجل بها إبراهيم الخليل بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة وفضيلة شرفه بها وأشار بها ذكره فقال: [إني جاعلك للناس إماما] فقال الخليل (عليه السلام) سرورا بها [ومن ذريتي] قال الله تبارك وتعالى: [لا ينال عهدي الظالمين] (1) فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة، ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذرية أهل الصفوة والطهارة فقال: [ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين] (2) فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها الله عز وجل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال جل وتعالى [إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين] (3) فكانت له خاصة فقلدها (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) بأمر الله عز وجل على رسم ما فرض الله فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله جل وعلا [وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث] (4) فهي في ولد علي (عليه السلام) خاصة إلى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله) فمن أين يختار هؤلاء؟!.
إن الإمامة هي منزلة الأنبياء ووراثة الأوصياء.