دلت الآية على نفي الخيرة للخلق مطلقا في الخلق والحكم فليس لهم أن يثبتوا حكما ولا ينفوا حكما من قبل أنفسهم ولا أن يختاروا أحدا فيقدموه في منزلة ويأخروا غيره عنها بل الحكم في ذلك كله لله تعالى، فكانت الآية ناصة على أنه لا يجوز لأحد أن يختار إماما فينصبه في الإمامة بعد نص الله وقبله كما هو مفادها إذ لو صح ذلك لكان مناقضا لمدلول الآية وحيث بطل الاختيار في كل شئ بطل الاختيار للناس في الإمامة فوجب أن يكون الإمام منصوصا عليه.
ومنها قوله تقدس وتعالى: [وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم] الآية (1) وهي وإن كانت ظاهرة في نفي الاختيار بعد النص لا قبله إلا أنا قد بينا أنه لا فرق بين الأمرين وأنه ليس لأحد أن يوجب حكما أو ينفي واجبا من دون إيجاب الله ونفيه ولا أن يعطي أحدا منزلة ويثبت له مقاما لم يعطه الله إياه ولم يثبته له وقد كان ذلك فيما قضاه الله وأنزله في كتابه حيث يقول [إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين] (2) وغيرها من الآيات فلا يجوز لأحد أن يختار شيئا ويوجبه لم يختره الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) ولم يحكما به.
ومنها قوله تعالى: [إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين] (3) ومن البين أن في آل إبراهيم أنبياء وأئمة بإمامة مجردة من النبوة كالملوك المنصوبين من قبل الله في بني إسرائيل والاصطفاء واقع على