السابع إنه لا شك أن الإمام يجب أن يكون مصلحا لأمر الرعية مع صلاحه في نفسه في الدين والدنيا ويجب أن يكون عادلا في الأحكام الشرعية جميعا فلو تعدى حكم الله في شئ من الأحكام لكان مفسدا مبتدعا مفتريا للكذب على الله مستحقا لاسم الظلم والكفر لحكمه بخلاف حكم الله وليس مثل هذا بإمام قطعا عند أهل الدين، فنقول حينئذ لأصحاب الاختيار إذا قلتم بأن الإمامة تثبت بالاختيار فأخبرونا عنكم تريدون إماما مصلحا أم مفسدا؟ لا سبيل لهم إلى الثاني بل لا بد من أن يقولوا نريد إماما مصلحا، فيقال لهم: فهل يجوز أن تقع خيرتكم على الأفسد وأنتم تظنون أنه الأصلح أم تقولون إن خيرتكم لا بد أن تقع على الأصلح وتوافق خيرة الله في باطن الأمر؟ فإن قالوا: بالأول قلنا: فقد بطل بهذا صحة الإمامة بالاختيار لاحتمال كون المختار مفسدا وعدم القطع بكونه مصلحا فلا يكون مقطوعا بصلاحه للإمامة لعدم الجزم بحصول ما هو شرط في الإمام فيه وهو الصلاح، لأن المفروض هو كون الاختيار غير مقتض لصلاحه ولا موجب لإصلاحه فبطلت إمامته لبطلان شرطها، وإن قالوا بالثاني قلنا لهم فيلزم من ذلك دعواكم علم الغيب ومعرفة العواقب ويلزم أن تكونوا أسد رأيا من أعاظم الأنبياء المرسلين فإنا وجدنا منهم من اختار في أمور ليس لها خطر الإمامة أحد يظن أنه صالح لما اختاره فبان أنه غير صالح لذلك في باطن الغيب فلم توافق خيرته خيرة الله.
هذا موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما واصطفاه برسالاته وفرق له البحر وأنزل عليه التوراة وظلله وقومه بالغمام إلى غير ذلك مما أعطاه اختار من قومه وهم ألوف سبعين رجلا لميقات ربه ليكونوا شهودا له عند قومه على خطاب الله تعالى إياه وهو يظن أنهم صالحون فكفروا كما حكى الله تعالى من خطابهم لنبيهم موسى بقوله عز وجل وقالوا [لن نؤمن لك حتى نرى الله