المحققين القياس على جميع أهل الله لكون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مشهودا لهم فإذا شكوا في صحة حديث أو حكم رجعوا إليه في ذلك فأخبرهم بالأمر الحق يقظة ومشافهة " انتهى (1) وقال السيوطي: " إن عيسى إذا أنزل يجتمع به يعني نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا مانع من أن يأخذ عنه ما يحتاج إليه من أحكام شريعته وكم من ولي ثبت أنه اجتمع به يقظة وأخذ عنه فعيسى أولى " (2) انتهى وأمثال ذلك من كلامهم كثيرا مثلما ذكره الواقدي في فتوح الشام من أخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي عبيدة بأمور كثيرة مما يدور بين النصارى من الكلام والتدبير والمشورة في المنام (3) فإذا صح مشاهدة النبي (صلى الله عليه وآله) عندهم للأولياء وأخذهم عنه وإخباره إياهم في النوم بأمور من الغيب فالإمام أولى لأنه سيد الأولياء، وهذا الوجه وارد في أخبارنا أيضا فاندفع الايراد وانزاح الإشكال، وإذا تحققت ما رسمناه فاعلم أن لنا على ما ذهبنا إليه وجوها من الأدلة.
الأول إنا بينا أن الإمام يجب أن يكون معصوما، والعصمة أمر خفي لا يطلع عليها في أي شخص هي إلا علام الغيوب الذي أيد ذلك الشخص بها فلا يعرف صاحبها إلا من قبله إما بالنص عليه أو إظهار المعجزة على يديه، أما وجوب عصمة الإمام فقد أثبتناه بالأدلة القاطعة، وأما إن العصمة أمر خفي فلما علمت من معناها، ولأنه ليس في خلق الإنسان ما يدل على أنه معصوم أو غير معصوم، وأما ما كان خفيا فلا يعرف إلا من جهة الله تعالى