وكيف صيرتم الإجماع حجتكم * والناس ما اتفقوا يوما ولا اجتمعوا أمر علي بعيد عن مشورته * مستكره فيه والعباس ممتنع وليس يخفي على ذي اطلاع ما وقع بين الصحابة في خلافة أبي بكر من الخصام والنزاع، وإن أكثر من بايعه ليس على وجه الرضا، وسيأتي جملة من بيان ذلك وقد مضى شئ منه إشارة فلا إجماع ولا اتفاق، وإن كان الإجماع اتفاق جماعة ولو كانوا اثنين أو ثلاثة فذلك مخالف لما ذكروه من معنى الإجماع، بل ليس إجماعا قطعا وجزما إذ لو كان كذلك لكان كل قول اتفق عليه ثلاثة مثلا كان إجماعا فإذن كثرت الإجماعات وتعارضت وفساد هذه الدعوى بين لا يحتاج إلى البيان الذي فهم.
الثالث منع حجية الإجماع المدعى، وذلك أنا بينا فيما مر أن الإجماع لا يكون حجة إلا بدخول من لا يجوز عليه الخطأ في جملة المجمعين، ومن المتفق عليه بين المسلمين أنه لا معصوم من الداعين إلى بيعة أبي بكر ولا من المبايعين، بل لم تدع العصمة لرجل من الصحابة إذ ذاك إلا لعلي (1) (عليه السلام) وقد صح عند كل الأمة أن عليا لم يدخل في بيعة أبي بكر وأبي خلافته وأنكرها وما زال منكرا لها حتى أكره على البيعة وقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما (2) أن عليا (عليه السلام) امتنع من بيعة أبي بكر مدة حياة فاطمة وقد عاشت بعد أبيها ستة أشهر فلما توفيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عن علي (عليه السلام) فضرع إلى مبايعة أبي بكر، ومن اليقين أن البيعة لو كانت حقا لما قعد عنها علي (عليه السلام) (وهو مع الحق والحق