الخامسة: قوله تعالى: [إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت] (1) الخ فإنه نص في أن الإمامة تحتاج في ثبوتها إلى دليل وبرهان وهو المعجز وليست مما تثبت لمدعيها بدون حجة ودليل ولا بقول أحد من الناس وتسميته ذلك المدعى إماما وتصديقه في دعواه الإمامة، وهذا هو نص مذهب الإمامية وهو أوضح دليل على بطلان الاختيار في الإمامة كما ترى، والآية محكمة ومضمونها جار في هذه الأمة ولم يرد عن أحد من المفسرين السابقين من العامة والخاصة أنها منسوخة الحكم أو أن حكمها مخصوص ببني إسرائيل دون هذه الأمة فلا يجوز لهم الاختيار في الإمامة خاصة دوننا بل عامة لهذه الأمة أنزلها الله لبيان سنته في الذين خلوا ولن تجد لسنة الله تبديلا فتكون حجة على من قال بالاختيار في الإمامة، فما قاله جاهل من حشوية العامة (2) بأن مضمون الآية مخصوص بالأمم السالفة دون هذه الأمة زور وبهتان وظلم وعدوان وذلك مبلغه من العلم، وليس دعوى النسخ مما ثبت باللسان من دون حجة ولا بيان ولا حجة على النسخ إلا العصبية والعناد والميل إلى شهوة النفس وردها الحق لتصحيح ما فعله الأسلاف، وهذا مما لا يعبأ به عند المناظرة والحجاج ولا تقوم به حجة ولا يصح به حكم، على أن هذا الحكم مما لا تختلف فيه المصالح بحسب الأزمان والأشخاص حتى يعرض له النسخ والتخصيص بل حال كحال النبوة التي لا تصح أو المعجزة لأنها خلافة عن النبوة فسبيلها في جميع الأمم واحدة.
ومنها قوله تعالى: [وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة] (3)