عمر منكرا عليه ما قال في أمر حاطب، وهذه القصة كانت بعد بدر بست سنين، ولفظ الماضي مبالغة في تحقيقه (ثم قال): فيه (أي قول عدم وقوع الذنب منهم) نظر ظاهر لما سيأتي في قصة قدامة بن مظعون حين شرب الخمر في أيام عمر وحده فهاجر بسبب ذلك، فرأى عمر في المنام من يأمره بمصالحة، وكان قدامة بدريا.
وفيه: قد استشكلت إقامة الحد على مسطح بقذف عائشة مع أنه من أهل بدر (1).
وفيه: استعمله (أي قدامة) عمر على البحرين، وكان شهد بدرا، وهو خال حفصة (هكذا في البخاري)، وقد أوردها عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري فزاد فقدم الجارود العقدي على عمر فقال: إن قدامة سكر، فقال: من يشهد معك؟ قال: أبو هريرة، فشهد أبو هريرة أنه رآه سكران يقئ، فأرسل إلى قدامة فقال له الجارود: أقم عليه الحد، فقال له عمر: أخاصم أنت أم شاهد؟
فصمت ثم عاوده فقال: لتمسكن أو لأسوءنك فقال: ليس في الحق أن يشرب ابن عمك وتسوءني، (إلى أن قال): ثم أمر به فجلد، فغضب قدامة (2).
وذكره في إزالة الخفاء، عن المحب الطبري مفصلا ومطولا (3)، وكذا في الإستيعاب (4).
وفي البخاري عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله (ص) يقول إن عبدا أصاب ذنبا - وربما قال أذنب ذنبا - فقال رب أذنبت (إلى أن قال في المرة الثالثة) قال الله: غفرت لعبدي ثلاثا فليعمل ما شاء، (المشكاة باب الاستغفار).
أقول: قد ظهر وضعه، ونسجه كنسج (العنكبوت).
هكذا حال قولهم " خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ".
في الصواعق قال أبو عمرو (ابن عبد البر) وخير " خير الناس قرني " ليس على عمومه لأنه جمع المنافقين وأهل الكبائر الذين قامت عليهم وعلى بعضهم الحدود (5).
وصحح الحاكم وحسن غيره خبر " يا رسول الله (ص) هل أحد خير منا أسلمنا معك وجاهدنا معك؟ قال: قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني ".
وأخرج الأنصاري عن أنس أن رسول الله (ص) قال: يا أبا بكر، ليت أني لقيت إخواني، فقال أبو بكر: يا رسول الله، نحن إخوانك. قال: لا أنتم أصحابي، إخواني الذين لم يروني وصدقوا بي، وأحبوني حتى أني أحب إلى أحدهم من ولده ووالده. قالوا: يا رسول الله، نحن إخوانك، قال: لا أنتم أصحابي (6).
روى الترمذي عن أنس بن مالك: مثل أمتي مثل المطر لا يدري أوله خير أم آخره (7).