على ضوء ما ذكرنا من تقسيم العلم إلى الحصولي والحضوري يصح أن يقال:
" إن العلم على وجه الإطلاق عبارة عن حضور المعلوم لدى العالم ".
وهذا التعريف يشمل العلم بكلا قسميه، غير أن الحاضر في الأول هو الصورة الذهنية دون الواقعية الخارجية، وفي الثاني نفس واقعية المعلوم من دون وسيط بينها وبين العالم.
إذا وقفت على حقيقة العلم، فاعلم أن الإلهيين أجمعوا على أن العلم من صفات الله الذاتية الكمالية، وأن العالم من أسمائه الحسنى، وهذا لم يختلف فيه اثنان على إجماله، ولكن مع ذلك اختلفوا في حدود علمه تعالى وكيفيته على أقوال، يلزمنا البحث عنها لتحقيق الحال في هذا المجال، فنقول:
1. علمه سبحانه بذاته قد ذكروا لإثبات علمه تعالى بذاته وجوها من البراهين نكتفي بذكر وجهين منها:
الأول: مفيض الكمال ليس فاقدا له إنه سبحانه خلق الإنسان العالم بذاته علما حضوريا، فمعطي هذا الكمال يجب أن يكون واجدا له على الوجه الأتم والأكمل، لأن فاقد الكمال لا يعطيه، ونحن وإن لم نحط ولن نحيط بخصوصية حضور ذاته لدى ذاته، غير إنا نرمز إلى هذا العلم ب " حضور ذاته لدى ذاته وعلمه بها من دون وساطة شئ في البين ".