فوارق المعجزة لسائر خوارق العادة إن هناك جهات من التمايز والتفارق بين المعجزة والكرامة وبين غيرهما من خوارق العادات وهي: الجهة الأولى من حيث طريق الحصول عليها، فإن المعجزة والكرامة وليدتان لعناية إلهية خاصة، وليس السبب لهما مما تناله يد الدراسة والتعلم، ولكن السحر ونحوه نتاج التعليم والتعلم ولها مناهج تعليمية يجب ممارستها حتى يصل طالبها إلى النتائج المطلوبة يقول سبحانه:
(واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر - إلى أن قال: - فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه). (1) قال القاضي عبد الجبار:
" إن الحيلة مما يمكن أن تتعلم وتعلم، وهذا غير ثابت في المعجزة ". (2) ومن هنا فإن السحر ونحوه قابل للمعارضة دون المعجزة، وإلى هذا أشار عبد الجبار بقوله:
" إن الحيل مما يقع فيها الاشتراك، وليس كذلك المعجزة ". (3) ولما كان السحر ونحوه رهن التعليم والتعلم، فهو متشابه في نوعه، متحد في جنسه، يدور في فلك واحد، ولا يخرج عن نطاق ما تعلمه أهله ولذا لا يأتون إلا بما تدربوا عليه، بخلاف إعجاز الأنبياء فإنه على جانب عظيم من التنوع في الكيفية إلى حد قد لا يجد الإنسان بين المعجزات قدرا مشتركا وجنسا قريبا، كما في المعجزات التي يخبر بها القرآن عن موسى وعيسى (عليهما السلام) بقوله تعالى: