بحسبه، ففي التكوين بوجه، وفي المجتمع البشري بوجه آخر وهكذا وبلحاظ اختلاف موارده تحصل له أقسام ليس هنا مقام بيان تلك الأقسام، إلا أن موارد العدل بالنسبة إلى الله تعالى يجمعها أقسام ثلاثة:
1. العدل التكويني: وهو إعطاؤه تعالى كل موجود ما يستحقه ويليق به من الوجود، فلا يهمل قابلية، ولا يعطل استعدادا في مجال الإفاضة والإيجاد.
2. العدل التشريعي: وهو أنه تعالى لا يهمل تكليفا فيه كمال الإنسان وسعادته، وبه قوام حياته المادية والمعنوية، الدنيوية والأخروية، كما أنه لا يكلف نفسا فوق طاقتها.
3. العدل الجزائي: وهو أنه تعالى لا يساوي بين المصلح والمفسد والمؤمن والمشرك في مقام الجزاء والعقوبة، بل يجزي كل إنسان بما كسب، فيجزي المحسن بالإحسان والثواب، والمسئ بالإساءة والعقاب، كما أنه تعالى لا يعاقب عبدا على مخالفة التكاليف إلا بعد البيان والإبلاغ.
استنتاج عدله تعالى من قاعدة التحسين والتقبيح العقليين إن مقتضى التحسين والتقبيح العقليين على ما عرفت، هو أن العقل بما هو، يدرك أن هذا الفعل بما هو هو من دون اختصاص ظرف من الظروف أو قيد من القيود حسن أو قبيح، والمأخوذ في موضوع هذا الحكم العقلي ليس إلا الفاعل العاقل المختار، من غير فرق بين الواجب والممكن.
وعلى ذلك فالله سبحانه عادل ومنزه من الظلم، لأن القيام بالعدل حسن وتركه كارتكاب الظلم قبيح، والله سبحانه حكيم لا يرتكب القبيح كما هو مقتضى القول بالتحسين والتقبيح العقليين.