القول بطروء التغير على علمه سبحانه إثر طروء التغير على الموجودات العينية، فإن التغير الممتنع على علمه إنما هو العلم الموصوف بالعلم الذاتي، وأما العلم الفعلي أي العلم في مقام الفعل، فلا مانع من تغيره كتغير فعله، فإن العلم في مقام الفعل لا يعدو عن كون نفس الفعل علمه لا غير.
2. إدراك الجزئيات يحتاج إلى آلة إن إدراك الجزئيات يحتاج إلى أدوات مادية وآلات جسمانية، وهو سبحانه منزه عن الجسم ولوازمه الجسمانية.
والجواب عن هذه الشبهة واضح، فإن العلم بالجزئيات عن طريق الأدوات المادية إنما هو شأن من لم يحط الأشياء إحاطة قيومية، ولم تكن الأشياء قائمة به حاضرة لديه، كالإنسان في علمه الحصولي بالجزئيات الخارجية، فإن علمه بها لما كان عن طريق انتزاع الصور بوسيلة الأدوات الحسية كان إدراك الجزئيات متوقفا على تلك الأدوات، وأما الواجب عز اسمه فلما كان علمه عن طريق إحاطته بالأشياء وقيامها به قياما حقيقيا فلا يتوقف علمه بها على الأدوات وإعمالها.
تكملة قد ورد في الشريعة الإسلامية الحقة توصيفه تعالى بالسمع والبصر وعد السميع والبصير من أسمائه سبحانه (1) والحق أن سمعه وبصره تعالى ليسا وصفين يغايران وصف العلم، إنما المغايرة بلحاظ المفهوم لا من حيث الحقيقة والمصداق، فقد عرفت أن جميع العوالم الإمكانية حاضرة لديه سبحانه، فالأشياء على الإطلاق، والمسموعات، والمبصرات خصوصا، أفعاله سبحانه، وفي الوقت نفسه علمه تعالى.