والكتاب المجيد الذي جاء به، وليدي النبوغ والعبقرية، فلماذا عجز عن مقابلته ومقارعته النوابغ والعباقرة طرا في جميع القرون إلى عصرنا هذا؟
هل الوحي نتيجة تجلي الأحوال الروحية؟
زعم بعض المستشرقين (1) أن الوحي إلهام يفيض من نفس النبي لا من الخارج، وذاك أن منازع نفسه العالية، وسريرته الطاهرة، وقوة إيمانه بالله وبوجوب عبادته، وترك ما سواها من عبادة وثنية وتقاليد وراثية رديئة يكون لها في جملتها من التأثير ما يتجلى في ذهنه، ويحدث في عقله الباطن الرؤى والأحوال الروحية فيتصور ما يعتقد وجوبه، إرشادا إلهيا نازلا عليه من السماء بدون وساطة، أو يتمثل له رجل يلقنه ذلك، يعتقد أنه ملك من عالم الغيب، وقد يسمعه يقول ذلك ولكنه إنما يرى ويسمع ما يعتقده في اليقظة كما يرى ويسمع مثل ذلك في المنام الذي هو مظهر من مظاهر الوحي عند جميع الأنبياء.
يقول أصحاب هذه النظرية: لا نشك في صدق الأنبياء في إخبارهم عما رأوا وسمعوا، وإنما نقول: إن منبع ذلك من نفسه وليس فيه شئ جاء من عالم الغيب الذي يقال إنه وراء عالم المادة والطبيعة.
نقد هذه النظرية هذه النظرية التي جاء بها بعض الغربيين وإن كانت تنطلي على السذج من الناس وتأخذ بينهم رونقا إلا أن رجال التحقيق يدركون تماما إنها ليست بشئ جديد قابل للذكر، وإنما هي تكرار لمقالات العرب