والثاني: الحدوث الذاتي وهو مسبوقية وجود الشئ بالعدم في ذاته، كجميع الموجودات الممكنة التي لها الوجود بعلة خارجة من ذاتها، وليس لها في ماهيتها وحد ذاتها إلا العدم، هذا حاصل ما ذكروه في تعريف الحدوث وتقسيمه إلى الزماني والذاتي والتفصيل يطلب من محله. (1) ثم إن مرجع الحدوث الذاتي إلى الإمكان الذاتي، فالاستدلال بالحدوث الذاتي راجع إلى برهان الإمكان والوجوب، فلنركز البرهان هنا على الحدوث الزماني فنقول:
العلوم الطبيعية وحدوث الحياة في عالم المادة أثبت العلم بوضوح أن هناك انتقالا حراريا مستمرا من الأجسام الحارة إلى الأجسام الباردة، ولا تتحقق في عالم الطبيعة عملية طبيعية معاكسة لذلك، ومعنى ذلك أن الكون يتجه إلى درجة تتساوى فيها جميع الأجسام من حيث الحرارة وعند ذلك لن تتحقق عمليات كيميائية أو طبيعية، ويستنتج من ذلك:
إن الحياة في عالم المادة أمر حادث ولها بداية، إذ لو كانت موجودا أزليا وبلا ابتداء لزم استهلاك طاقات المادة، وانضباب ظاهرة الحياة المادية منذ زمن بعيد.
وإلى ما ذكرنا أشار " فرانك آلن " أستاذ علم الفيزياء بقوله:
" قانون " ترموديناميا " أثبت أن العالم لا يزال يتجه إلى نقطة تتساوى فيها درجة حرارة جميع الأجسام، ولا توجد هناك طاقة مؤثرة لعملية الحياة، فلو لم يكن للعالم بداية وكان موجودا من الأزل لزم أن يقضى للحياة أجلها منذ أمد بعيد، فالشمس المشرقة والنجوم والأرض المليئة من