الفصل الرابع نقد مذهب الصرفة الرأي السائد بين المسلمين في إعجاز القرآن هو كونه في الطبقة العليا من الفصاحة والدرجة القصوى من البلاغة مع ما له من النظم الفريد والأسلوب البديع. وهناك مذهب آخر نجم في القرن الثالث اشتهر بمذهب الصرفة وإليه ذهب جماعة من المتكلمين، وأقدم من نسب إليه هذا القول أبو إسحاق النظام، وتبعه أبو إسحاق النصيبي، وعباد بن سليمان الصيمري، وهشام بن عمرو الفوطي وغيرهم من المعتزلة، واختاره من الإمامية الشيخ المفيد في " أوائل المقالات " وإن حكي عنه غيره، والسيد المرتضى في رسالة أسماها ب " الموضح عن جهة إعجاز القرآن " والشيخ الطوسي في شرحه لجمل السيد، وإن رجع عنه في كتابه " الإقتصاد " وابن سنان الخفاجي (المتوفى 464 ه) في كتابه " سر الفصاحة ".
وحاصل هذا المذهب هو أنه ليس الإتيان بمثل القرآن من حيث الفصاحة والبلاغة وروعة النظم وبداعة الأسلوب خارجا عن طوق القدرة البشرية، وإنما العجز والهزيمة في حلبة المبارزة لأمر آخر وهو حيلولته سبحانه بينهم وبين الإتيان بمثله، فالله سبحانه لأجل إثبات التحدي، حال