ولتوضيح الحال نمثل بمثال وهو أن كل واحدة من هذه المعاليل بحكم فقرها الذاتي، بمنزلة الصفر، فاجتماع هذه المعاليل بمنزلة اجتماع الأصفار، ومن المعلوم أن الصفر بإضافة أصفار متناهية أو غير متناهية إليه لا ينتج عددا، بل يجب أن يكون إلى جانب هذه الأصفار عدد صحيح قائم بالذات حتى يكون مصححا لقراءة تلك الأصفار.
فقد خرجنا بهذه النتيجة وهي أن فرض علل ومعاليل غير متناهية مستلزم لأحد أمرين: إما تحقق المعلول بلا علة، وإما عدم وجود شئ في الخارج رأسا، وكلاهما بديهي الاستحالة.
تقرير برهان الإمكان إلى هنا تمت المقدمات التي يبتني عليها برهان الإمكان، وإليك نفس البرهان:
لا شك أن صفحة الوجود مليئة بالموجودات الإمكانية، بدليل أنها توجد وتنعدم وتحدث وتفنى ويطرأ عليها التبدل والتغير، إلى غير ذلك من الحالات التي هي آيات الإمكان وسمات الافتقار.
وأمر وجودها لا يخلو عن الفروض التالية:
1. لا علة لوجودها، وهذا باطل بحكم المقدمة الثانية (كل ممكن يحتاج إلى علة).
2. البعض منها علة لبعض آخر وبالعكس، وهو محال بمقتضى المقدمة الثالثة (بطلان الدور).
3. بعضها معلول لبعض آخر وذلك البعض معلول لآخر من غير أن