الظواهر الحيوية وعملياتها أصدق شاهد على أن العالم حدث في زمان معين، فليس العالم إلا مخلوقا حادثا ". (1) تقرير برهان الحدوث مما تقدم تبينت صغرى برهان الحدوث وهي أن الحياة في العالم المادي حادث، فليس بذاتي له، (2) وليضم إليها الأصل البديهي العقلي وهو أن كل أمر غير ذاتي معلل، كما أن كل حادث لا بد له من محدث وخالق، فما هو المحدث لحياة المادة؟ إما هي نفسها أو غيرها؟ ولكن الفرض الأول باطل، لأن المفروض إنها كانت قبل حدوث الحياة لها فاقدة لها، وفاقد الشئ يستحيل أن يكون معطيا له، فلا مناص من قبول الفرض الثاني، فهناك موجود آخر وراء عالم المادة هو الموجد للمادة ومحدث الحياة لها.
إلى هنا تم دور الحدوث الزماني في البرهان، وأنتج أن هناك موجودا غير مادي، محدثا لهذا العالم المادي، وأما إن ذلك المحدث هل هو ممكن أو واجب، وحادث أو قديم، فلا بد لإثباته من اللجوء إلى برهان الإمكان وامتناع الدور والتسلسل المتقدم بيانها.