الفصل الأول كيف نتعرف على صفاته تعالى؟
اعتاد الإنسان الساكن بين جدران الزمان والمكان أن يتعرف على الأشياء مقيدة بالزمان والمكان موصوفة بالتحيز والتجسيم، متسمة بالكيف والكم، إلى ذلك من لوازم المادة ومواصفات الجسمانية، فقد قضت العادة الملازمة للإنسان، أعني: أنسه بالمادة واعتياده على معرفة كل شئ في الإطار المادي، أن يصور لربه صورا خيالية على حسب ما يألفه من الأمور المادية الحسية، وقل ما أن يتفق لإنسان أن يتوجه إلى ساحة العزة والكبرياء ونفسه خالية عن المحاكاة.
بين التشبيه والتعطيل على ذلك الأساس افترق جماعة من الإلهيين إلى مشبه ومعطل، فالأولون تورطوا في مهلكة التشبيه وشبهوا بارئهم بإنسان له لحم، ودم، وشعر، وعظم، وله جوارح وأعضاء حقيقية من يد، ورجل، ورأس ويجوز عليه المصافحة والانتقال. (1) وإنكار بارئ بهذه الأوصاف المادية المنكرة