علمه تعالى بالجزئيات والإمعان فيما ذكرنا حول الموجودات الإمكانية يوضح لزوم علمه سبحانه بالجزئيات وضوحا كاملا، وذلك لما تقدم أن نفس وجود كل شئ عين معلوميته لله تعالى ولا فرق في مناط هذا الحكم بين المجرد والمادي، والكلي والجزئي، فكما أن الموجود الثابت معلوم له تعالى بثباته، كذلك الموجود المتغير معلوم لله سبحانه بتغيره وتبدله فالإفاضة التدريجية، والحضور بوصف التدرج لديه سبحانه يلازم علمه تبارك وتعالى بالجزئيات الخارجية.
شبهات المنكرين قد عرفت برهان علمه سبحانه بالجزئيات، وبقي الكلام في تحليل الشبهات التي أثيرت في هذا المجال، وإليك بيانها:
1. العلم بالجزئيات يلازم التغير في علمه تعالى قالوا لو علم سبحانه ما يجري في الكون من الجزئيات لزم تغير علمه بتغير المعلوم وإلا لانتفت المطابقة، وعلى هذا فهو سبحانه إنما يعلم الجزئيات من حيث هي ماهيات معقولة لا بما هي جزئية متغيرة.
إن الشبهة قائمة على فرض كون علمه سبحانه بالأشياء علما حصوليا على طريق الصور المرتسمة القائمة بذاته سبحانه، وعند ذلك يكون التغير في المعلوم ملازما لتغير الصور القائمة به ويلزم على ذلك كون ذاته محلا للتغير والتبدل.
وقد عرفت أن علمه تعالى بالموجودات حضوري بمعنى أن الأشياء بهوياتها الخارجية وحقائقها العينية حاضرة لديه سبحانه، فلا مانع من