الثاني: إتقان الصنع يدل على علم الصانع إن وجود المعلول كما يدل على وجود العلة، كذلك خصوصياته تدل على خصوصيات علته، فإن المصنوع من جهة الترتيب الذي في أجزائه ومن جهة موافقة جميع الأجزاء للغرض المقصود من ذلك المصنوع، يدل على أنه لم يحدث عن فاعل غير عالم بتلك الخصوصيات.
فالعالم بما أنه مخلوق لله سبحانه يدل ما فيه من بديع الخلق ودقيق التركيب على أن خالقه عالم بما خلق، عليم بما صنع، فالخصوصيات المكنونة في المخلوق ترشدنا إلى صفات صانعه وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الدليل بقوله:
(ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير). (1) وقال الإمام علي (عليه السلام):
" وعلم ما يمضي وما مضى، مبتدع الخلائق بعلمه ومنشئهم بحكمه ".
(2) وقال الإمام علي بن موسى الرضا (عليهما السلام):
" سبحان من خلق الخلق بقدرته، أتقن ما خلق بحكمته، ووضع كل شئ منه موضعه بعلمه ". (3) وإلى هذا الدليل أشار المحقق الطوسي في " تجريد الاعتقاد " بقوله:
" والإحكام دليل العلم ".