علم الكلام رائد الفطرة الإنسانية الالتفات إلى ما وراء الطبيعة انجذاب طبيعي وميل فطري بشري، يظهر في كل فرد من أفراد النوع البشري من أوائل شبابه، ومطلع عمره ما دامت مرآة تلك الفطرة نقية صافية لم تنكسف بآراء بشرية غير نقية.
وذلك الالتفات والانجذاب نعمة كبيرة من نعم الله سبحانه على العباد، حيث يدفعهم نحو مبدأ هذا الكون وصانعه ومنشئه، وما يترتب على ذلك من مسائل حيوية.
ولكن هذا الانجذاب إنما يجديه إذا خضع لتربية الأنبياء ورعايتهم، وصار مشفوعا بالدليل والبرهان، إذ حينذاك يصبح هذا الانجذاب كشجرة مباركة (تؤتي أكلها كل حين)، ولا تضعضعها العواصف مهما كانت شديدة قالعة.
وأما إذا ترك حتى استغلته الأهواء والآراء المنحرفة، انطفأت هذه الشعلة المقدسة واختفت تحت ركام من الأوهام والخرافات.
ولأجل ذلك يجب على القائمين على شؤون التربية أن يطعموا الفطرة البشرية بالبراهين العقلية القاطعة الساطعة التي هدانا إليها الذكر الحكيم والأحاديث الصحيحة الشريفة، وما أنتجته الأبحاث الفكرية طوال العصور والأزمنة في الأوساط الدينية.