العصمة عن الخطأ في تطبيق الشريعة والأمور العادية إن صيانة النبي عن الخطأ والاشتباه في مجال تطبيق الشريعة (مثل أن يسهو في صلاته، أو يغلط في إجراء الحدود) والأمور العادية المرتبطة بحياته الشخصية (مثل خطائه في مقدار دينه للناس) مما طرح في علم الكلام، وطال البحث فيه بين المتكلمين، فالظاهر من الأشاعرة والمعتزلة تجويزهم السهو على الأنبياء في هذا المجال، فإنهم جوزوه في صدور الصغائر من الذنوب، فتجويزه في غيره أولى، وأما الإمامية، فالصدوق وأستاذه محمد بن الحسن بن الوليد جوزاه (1)، ولكن مشهور المحققين على خلافه (2) وقد ألف غير واحد منهم كتبا ورسائل في نفي السهو عن النبي، وقد فصل العلامة المجلسي في البحار (3) الكلام في المسألة، وأطنب في بيان شذوذ الأخبار التي استند إليها القائلون بالسهو، وناقشها بأدلة متعددة السيد عبد الله شبر في كتابيه: " حق اليقين " (4) و " مصابيح الأنوار ". (5) والحق أن الدليل العقلي الدال على لزوم عصمة النبي في مجال تبليغ الرسالة دال - بعينه - على عصمته عن الخطأ في تطبيق الشريعة وأموره الفردية، فإن التفكيك بين صيانة النبي في مجال الوحي، وصيانته في سائر المجالات وإن كان أمرا ممكنا عقلا، لكنه كذلك بالنسبة إلى عقول الناضجين في الأبحاث الكلامية، وأما عامة الناس فإنهم غير قادرين على التفكيك بين تينك المرحلتين، بل يجعلون السهو في إحديهما دليلا على إمكان تسرب السهو في الأخرى.
فلا بد لسد هذا الباب الذي ينافي الغاية المطلوبة من إرسال الرسل، من أن يكون النبي مصونا عن الخطأ في عامة المراحل.