أولى من إثباته ربا للعالم، لأن الاعتقاد بالبارئ بهذه الصفات يجعل الألوهية والدعوة إليها منكرا تتنفر منه العقول والأفكار المنيرة.
والطائفة الثانية أرادت التحرز عن وصمة التشبيه وعار التجسيم فوقعت في إسارة التعطيل، فحكمت بتعطيل العقول عن معرفته سبحانه ومعرفة صفاته وأفعاله، قائلة بأنه ليس لأحد الحكم على المبدأ الأعلى بشئ من الأحكام وليس إلى معرفته من سبيل إلا بقراءة ما ورد في الكتاب والسنة، فقالت: إن النجاة كل النجاة في الاعتراف بكل ما ورد في الشرع الشريف من دون بحث ونقاش، فقد نقل عن سفيان بن عيينة أنه قال:
" كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عليه ". (1) ما هو المسلك الصحيح؟
ولكن هناك طائفة ثالثة ترى أن من الممكن التعرف على صفاته سبحانه من طريق التدبر وعلى ضوء ما أفاض الله سبحانه على عباده من نعمة العقل والفكر.
وحجتهم في ذلك أن الله سبحانه ما نص على أسمائه وصفاته في كتابه وسنة نبيه إلا لكي يتدبر فيها الإنسان بعقله وفكره في حدود الممكن، فهذا أمر يدعو إليه العقل والكتاب العزيز والسنة الصحيحة.
ويكفي في تعين هذا الطريق ما ورد في أوائل سورة الحديد من قوله سبحانه:
(سبح لله ما في السماوات والأرض).