(فإما يأتينكم مني هدى).
يتحد مضمونا مع قوله:
(إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي) الخاتمية وخلود التشريع الإسلامي إن هاهنا سؤالا يجب علينا الإجابة عنه، وهو أن توسع الحضارة يلزم المجتمع بتنظيم قوانين جديدة تفوق ما كان يحتاج إليها فيما مضى، وبما أن الحضارة والحاجات في حال تزايد وتكامل، فكيف تعالج القوانين المحدودة الواردة في الكتاب والسنة، الحاجات المستحدثة غير المحدودة؟
والجواب، أن خلود التشريع الإسلامي وغناه عن كل تشريع مبني على أمور تالية:
1. حجية العقل في مجالات خاصة اعترف القرآن والسنة بحجية العقل في مجالات خاصة، مما يرجع إليه القضاء فيها، وقد بين مواضع ذلك في كتب أصول الفقه، فهناك موارد من الأحكام العقلية الكاشفة عن أحكام شرعية، كاستقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان، الملازم لعدم ثبوت الحرمة والوجوب إلا بالبيان، واستقلاله بلزوم الاجتناب عن أطراف العلم الإجمالي في الشبهات التحريمية، ولزوم الموافقة القطعية في الشبهات الوجوبية، واستقلاله بإطاعة الأوامر الظاهرية، وغير ذلك، ولعل الجميع يرجع إلى مبدأ واحد وهو استقلال العقل بالحسن والقبح في بعض الأفعال.