الإجابة عن شبهة رسل إن لبرترند رسل هاهنا شبهة يجب أن نجيب عنها وهي: أنه بعد الإشارة إلى قانون " ترموديناميا " وما يترتب عليه من حدوث العالم المادي، قال:
" لا يصح أن يستنتج منه أن العالم مخلوق لخالق وراءه، لأن استنتاج وجود الخالق استنتاج علي والاستنتاج العلي في العلوم غير جائز إلا إذا انطبقت عليه القوانين العلمية، ومن المعلوم استحالة إجراء العملية التجريبية على خلقة العالم من العدم، ففرض كون العالم مخلوقا لخالق محدث، ليس أولى من فرض حدوثه بلا علة محدثة، فإن الفرضين مشتركان في نقض القوانين العلمية المشهودة لنا ". (1) والجواب عنها: أن برهان الحدوث - كما عرفت - متشكل من مقدمتين، الأولى: حدوث العالم، وهذا نتيجة واضحة من الأبحاث العلمية التجريبية، والثانية: الأصل العقلي البديهي، وليس هذا مستفادا من الأبحاث العلمية، بل هو خارج عن نطاق العلم التجريبي رأسا وتنطبق عليها قوانينها، فإن كان مراد رسل من تساوي فرض مخلوقية العالم وفرض وجوده صدفة أنهما خارجتان عن نطاق العلوم التجريبية، فصحيح، لكنهما غير متساويين عند العقل الصريح الذي هو الحاكم الفريد في أمثال هذه الأبحاث العقلية الخارجة عن نطاق العلوم التجريبية الحسية، فكأن رسل رفض العقل والبراهين العقلية وحصر طريق الاستدلال على طريقة الحس والاستقراء والتجربة، كما هو مختار جميع الفلاسفة الحسيين الأوروبيين وغيرهم، وقد برهن على فساد هذا المبنى في محله.