(يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين * أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون * أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون). (1) ولا ريب في أنهم كانوا صادقين في أقوالهم - كما اعترف به صاحب النظرية - وعندئذ لو قلنا بأن ما ذكروه غير مطابق للواقع وأن ما أتوا به من المعارف والشرائع لم يكن رسالات إلهية وذكرا من جانبه سبحانه، بل كان نابعا من باطن ضميرهم وتجليات نفوسهم، لكان الأنبياء قاصرين في مجال المعرفة، ما زالوا في جهل مركب، وهذا ما لا يتفوه به من له أدنى معرفة بمقالات الأنبياء وشخصياتهم الجليلة في مجال العلم والعمل، بل يأبى العقل والفطرة من اتسام من دونهم بمراتب من رجالات العلم والدين بمثل هذا الجهل والخبط.
الوحي والشخصية الباطنة إن جماعة من الغربيين فسروا الوحي بما أثبتوه في أبحاثهم النفسية من الشخصية الباطنة، لكل إنسان وقد جربوا ذلك على المنومين تنويما مغناطيسيا، فوجدوا أن النائم يظهر بمظهر من الحياة الروحية لا يكون له وهو يقظان، فيعلم الغيب ويخبر عن البعيدين، يبصر ويسمع ويحس بغير حواسه الظاهرة ويكون على جانب كبير من التعقل والإدراك.
قالوا: هذه الشخصية هي التي تهدي الإنسان بالخواطر الجيدة من خلال حجبه الجسمية الكثيفة، وهي التي تعطيه الإلهامات الطيبة الفجائية في الظروف الحرجة، وهي التي تنفث في روع الأنبياء ما يعتبرونه وحيا من