عبودية الأصنام والحجارة والحيوانات والدعوة إلى الفضائل ونبذ الرذائل، واستقرار نظام العدل الاجتماعي وغير ذلك، كما أن أصحاب الكرامات أيضا لا يتبنون إلا ما يكون موافقا لرضى الله سبحانه لا غير.
وهذا بخلاف المرتاضين والسحرة، فغايتهم إما كسب الشهرة والسمعة بين الناس، أو جمع المال والثروة، وغير ذلك مما يناسب متطلبات القوى البهيمية.
الجهة الثالثة من حيث التقيد بالقيم الأخلاقية، فإن أصحاب المعاجز والكرامات - باعتبار كونهم خريجي المدرسة الإلهية - متحلون بأكمل الفضائل والأخلاق الإنسانية، والمتصفح لسيرتهم لا يجد فيها أي عمل مشين ومناف للعفة ومكارم الأخلاق، وأما أصحاب الرياضة والسحر، فهم دونهم في ذلك، بل تراهم غالبا فارغين عن المثل والفضائل والقيم.
فبهذه الضوابط يتمكن الإنسان من تمييز المعجزة عن غيرها من الخوارق والنبي عن المرتاض والساحر.
هل المعجزة تناقض قانون العلية وبرهان النظم؟
إن المعجزات لا تعد نقضا لقانون العلية العام، فإن المنفي في مورد المعجزة هو العلل المادية المتعارفة التي وقف عليها العالم الطبيعي واعتاد الإنسان على مشاهدته في حياته ولكن لا يمتنع أن يكون للمعجزة علة أخرى لم يشاهدها الناس من قبل ولم يعرفها العلم ولم تقف عليها التجربة.
كما أنها لا تضعضع برهان النظم الذي يستدل به على وجود الصانع، وذلك لأن الإعجاز ليس خرقا لجميع النظم السائدة على العالم، وإنما هو خرق في جزء من أجزائه غير المتناهية الخاضعة للنظام والدالة ببرهان النظم على وجود الصانع.