الوعيد ليس جعل حق للغير بخلاف الوعد، بل الوعيد حق لمن يعد فقط، وله إسقاط حقه، والصدق والكذب من أحكام الإخبار دون الإنشاء، والوعيد إنشاء ليس بإخبار فلا يعرضه الكذب.
4. هل الجنة والنار مخلوقتان؟
اختلف المتكلمون في ذلك، فذهب الجمهور إلى أنهما مخلوقتان، وأكثر المعتزلة والخوارج وطائفة من الزيدية ذهبوا إلى خلاف ذلك، قال المفيد:
" إن الجنة والنار في هذا الوقت مخلوقتان، وبذلك جاءت الأخبار، وعليه إجماع أهل الشرع والآثار، وقد خالف في هذا القول المعتزلة والخوارج وطائفة من الزيدية، فزعم أكثر من سميناه أن ما ذكرناه من خلقهما من قسم الجائز دون الواجب، ووقفوا في الوارد به من الآثار، وقال من بقي منهم بإحالة خلقهما ". (1) واستدل القائلون بكونهما مخلوقتين بالآيات الدالة على أن الجنة أعدت للمتقين والنار أعدت للكافرين. (2) وقد احتمل السيد الرضي في " حقائق التأويل " أن يكون التعبير بالماضي لقطعية وقوعه، فكأنه قد كان (3)، وله نظائر في القرآن الكريم.
أقول: مما يدل على أن الجنة مخلوقة قوله تعالى:
(ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى). (4)