والجواب عنه أما أولا: فإن المراد من المعادلة بين الجرم والعقوبة ليس هو في جانب الكمية ومن حيث الزمان، بل في جانب الكيفية ومن حيث عظمة الجرم بلحاظ مفاسده الفردية أو النوعية، كما نرى ذلك في العقوبات المقررة عند العقلاء لمثل القتل والإخلال في النظم الاجتماعي، ونحو ذلك، فالجرم يقع في زمان قليل ومع ذلك فقد يحكم عليه بالإعدام والحبس المؤبد.
وأما ثانيا:
فإن العذاب في الحقيقة أثر لصورة الشقاء الحاصلة بعد تحقق علل معدة وهي المخالفات المحدودة وليس أثرا لتلك العلل المحدودة المنقطعة حتى يلزم تأثير المتناهي أثرا غير متناه وهو محال، نظيره أن عللا معدة ومقربات معدودة محدودة أوجبت أن تتصور المادة بالصورة الإنسانية فتصير المادة إنسانا يصدر عنه آثار الإنسانية المعلولة للصورة المذكورة.
ولا معنى لأن يسأل ويقال:
" إن الآثار الإنسانية الصادرة عن الإنسان بعد الموت صدورا دائميا سرمديا لحصول معدات محدودة مقطوعة الأمر للمادة، فكيف صارت مجموع منقطع الآخر من العلل سببا لصدور الآثار المذكورة وبقائها مع الإنسان دائما، لأن عليتها الفاعلة - وهي الصورة الإنسانية - موجودة معها دائما على الفرض، فكما لا معنى لهذا السؤال لا معنى لذلك أيضا ". (1)