لاستحالة صيرورة المعدوم والمغلوب غالبا ومؤثرا، وإن تقارنا لزم وجودهما معا، لأن وجود كل منهما ينفي وجود الآخر فيلزم وجودهما حال عدمهما، وذلك جمع بين النقيضين. (1) فإن قلت: لو كان الإحباط باطلا فما هو المخلص فيما يدل على حبط العمل في غير مورد من الآيات التي ورد فيها أن الكفر والارتداد والشرك والإساءة إلى النبي وغيرها مما يحبط الحسنات؟
قلت: إن القائلين ببطلان الإحباط يفسرون الآيات بأن الاستحقاق في مواردها كان مشروطا بعدم لحوق العصيان بالطاعات.
ويمكن أن يقال إن الاستحقاق في بدء صدور الطاعات لم يكن مشروطا بعدم لحوق العصيان، بل كان استقراره وبقاؤه هو المشروط بعدم لحوق المعصية.
قال الطبرسي في تفسير قوله تعالى:
(ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين).
(2) وفي قوله: (فقد حبط عمله) هنا دلالة على أن حبوط الأعمال لا يترتب على ثبوت الثواب، فإن الكافر لا يكون له عمل قد ثبت عليه ثواب، وإنما يكون له عمل في الظاهر لولا كفره لكان يستحق الثواب عليه، فعبر سبحانه عن هذا العمل بأنه حبط، فهو حقيقة معناه ". (3)