هذا كله على القول بأن الجنة والنار حسب ظواهر الكتاب موجودتان في الخارج مع قطع النظر عن أعمال المكلفين، وإنهما معدتان للمطيع والعاصي، وأما على القول بأن حقيقة الجنة والنار عبارة عن تجسم عمل الإنسان بصورة حسنة وبهية أو قبيحة ومرعبة، فالجنة والنار موجودتان واقعا بوجودهما المناسب في الدار الآخرة وإن كان أكثر الناس، لأجل كونه محاطا بهذه الظروف الدنيوية، غير قادر على رؤيتهما، وإلا فالعمل سواء كان صالحا أو طالحا قد تحقق وله وجودان وتمثلان، وكل موجود في ظرفه.
6. من هو المخلد في النار؟
اختلفت كلمة المتكلمين في المخلدين في النار، فذهب جمهور المسلمين إلى أن الخلود يختص بالكافر دون المسلم وإن كان فاسقا، وذهبت الخوارج والمعتزلة إلى خلود مرتكبي الكبائر إذا ماتوا بلا توبة. (1) قال المحقق البحراني:
" المكلف العاصي إما أن يكون كافرا أوليس بكافر، أما الكافر فأكثر الأمة على أنه مخلد في النار، وأما من ليس بكافر، فإن كانت معصيته كبيرة فمن الأمة من قطع بعدم عقابه وهم المرجئة الخالصة، ومنهم من قطع بعقابه وهم المعتزلة والخوارج، ومنهم من لم يقطع بعقابه إما لأن معصيته لم يستحق بها العقاب وهو قول الأشعرية، وإما لأنه يستحق بها عقابا إلا أن الله تعالى يجوز أن يعفو عنه، وهذا هو المختار ". (2)