ولكن المعتزلة ذهبت إلى أن أثرها ينحصر في رفع الدرجة وزيادة الثواب، فهي تختص بأهل الطاعة، وما هذا التأويل في آيات الشفاعة إلا لأجل موقف مسبق لهم في مرتكب الكبيرة، حيث حكموا بخلوده في النار إذا مات بلا توبة، فلما رأوا أن القول بالشفاعة التي أثرها هو إسقاط العقاب، ينافي ذلك المبنى، أولوا آيات الله فقالوا إن أثر الشفاعة إنما هو زيادة الثواب وخالفوا في ذلك جميع المسلمين.
قال الشيخ المفيد:
" اتفقت الإمامية على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يشفع يوم القيامة لجماعة من مرتكبي الكبائر من أمته، وأن أمير المؤمنين (عليه السلام) يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته، وأن أئمة آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يشفعون كذلك وينجي الله بشفاعتهم كثيرا من الخاطئين، ووافقهم على شفاعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لمرجئة سوى ابن شبيب، وجماعة من أصحاب الحديث، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك وزعمت أن شفاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للمطيعين دون العاصين وأنه لا يشفع في مستحق العقاب من الخلق أجمعين ". (1) وقال الإمام أبو حفص النسفي:
" والشفاعة ثابتة للرسل والأخيار في حق أهل الكبائر بالمستفيض من الأخبار ". (2)