فأجابه رسول الله صلى الله عليه وآله موضحا له ما يجري على المسلمين قائلا " إذا كثرت الشرط، وملكت الإماء، وقعدت الجهلة على المنابر، واتخذ الفئ دولا، والزكاة مغرما، والأمانة مغنما، وتفقه في دين الله لغير الله، وأطاع الرجل امرأته، وعق أمه، وأقصى أباه، ولعن آخر هذه الأمة أولها، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل اتقاء شره، فيومئذ يكون ذلك فيه يفزع الناس إلى (الشام) وإلى مدينة يقال لها (دمشق) من خير مدن الشام فتحصنهم من عدوهم.
فقيل له:
يا رسول الله، وهل تفتح (الشام)؟.
قال صلى الله عليه وآله: وشيكا ثم تقع الفتنة بعد فتحها، ثم تجئ فتنة غبراء مظلمة، ثم تتبع الفتن بعضها بعضا، حتى يخرج رجل من أهل بيتي يقال له المهدي (1).
وتحدثت هذه الرواية عما يصاب به العالم الإسلامي من التحلل والفساد وانحراف المسلمين عن المبادئ القديمة والمثل العليا التي جاء بها الإسلام، وتسود من جراء ذلك الفتن والكوارث حتى ينقذ الله المسلمين بوليه الإمام المنتظر فيحيي الدين، ويقيم معالم الإسلام.
6 - قال صلى الله عليه وآله: " منا مهدي هذه الأمة إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا (2) وتظاهرت الفتن وتقطعت السبل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيرا، ولا صغير يوقر كبيرا، فيبعث الله عند ذلك مهدينا، التاسع من صلب الحسين عليه السلام يفتح حصون الضلالة وقلوبا غفلا، يقوم في الدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا " (3)، وأعرب هذا الحديث عما تمنى به الحياة العامة من ضروب قاسية من الفتن