ومن هذه الرواية الشريفة تستفاد أمور:
منها: أن الكتب المشتملة على الأحاديث، كونها مرجعا للناس، في الأصول والفروع، بإرادة الله تعالى، توجب العلم، وأن اعتبارها من هذه الحيثية.
ومنها: وقوع هذا الأمر في زمان الغيبة، ومقتضاه أن ما يعتمد عليه أهل الإيمان في هذا الزمان يوجب الاطمئنان بمقتضى ما تقدم عنه صلى الله عليه وآله وسلم من حصره البر في ما يوجب سكون النفس والاطمئنان، وحصره الشر في ما يجول في القلب ويوجب التردد.
والسر في أن الإيمان بالسواد على البياض أعظم اليقينين، وكونه أعجب إيمانا، توقفه على اجتهاد شديد لا يتحمله إ لا من تمحض الإيمان، وأقبل بكله إلى ربه، فإنه في غاية الصعوبة.
وفي مقابله الجاحد العنود الذي يرى جميع الآيات والمعجزات الباهرات، ولا يزداد إ لا جحودا وضلالا وغواية وخذلانا.
فهؤلاء هم المؤمنون بالغيب، لا سيما مع شدة الفتن في آخر الزمان، كما يشاهد بالعيان.
وإلا، فمجرد السواد على البياض لا يوجب إلا لمن هو في أسفل دركات العماية والغواية، كما هو ديدن الهمج الرعاع حزب الشيطان، وأعداء الرحمن (1).