من عمل المانعين من التدوين من أهل الصدر الأول؟!.
فإنا لا نجد فارقا في النكاية بالإسلام، والكيد له، بين إنكار وقوع كتابته في الصدر الأول، وبين منع تدوينه وكتابته حينذاك فهما مشتركان في التهوين بالحديث، ومحاولة التشكيك فيه، والسعي في إبطال حجيته!.
بل نقول - بكل صراحة -: إن ذلك المنع هو السبب الأساس لهذا الإنكار، ولولا ذلك المنع لكان التدوين يبرز بشكل قوي وواسع، بحيث لا يبقى مجال لمثل هذا الإنكار الخبيث.
ألا ترى أن الهمة لما حدت بالمسلمين إلى التدوين في القرن الثاني وما تلاه - بشكل عام ورسمي - قد أبرز الحديث في مقامه المناسب لأداء دوره في الشريعة، والحضارة الإسلامية، ولم يتمكن أعداء الإسلام أن يكيدوا له شيئا، بعد ذلك؟!
فلو كان هذا الجهد يبذل في سبيل الحديث منذ اليوم الأول وطوال القرن الأول - الذي يسمونه خير القرون - وكان الحديث يؤخذ من ينابيعه الصافية الفياضة، ويسجل وهو على صفائه وخلوصه، لم يكن لأحد أن يشوبه بالتشكيك، ولا أن يتطاول عليه بالإنكار والجحد والتزوير، ولا أن يخدش اعتباره بشئ.
إن الإنكار ليس إلا أثرا ضئيلا من آثار ذلك المنع، ويدل على مدى عظم الجريمة التي اقترفتها يد المانعين بحق الإسلام ومصادر الشريعة، وبالحضارة الإسلامية كلها.