وهذا هو حديث الغدير المعروف، الذي رواه أكثر من مائة من الصحابة، وارتفع عدد رواته في الطبقات المتأخرة إلى أكثر من الألف، فهو من المتواترات القطعية، ونصه واضح الدلالة على المقصود.
فلو أتيح لكل هذه الأحاديث، أو بعضها، أن ينشر بين المسلمين، فلا بد أن كثيرا منهم كانوا يلتزمون بإمامة علي عليه السلام، فلم يبق هو وأهل بيته بعيدين عن الحكم والسلطة طيلة خمسة وعشرين عاما، ولا كان يتسلط على تلك المناصب المقدسة السامية، أو يدعيها من لم تكن له بحق، اعتمادا على حجج واهية، أصح ما يقال فيها أنها: فلتة (1) لم يق الله شرها أن يعم تاريخ الإسلام!
فلو كانت تلك الأحاديث تنقل بواسطة الصحابة الأمناء أنفسهم، كانت تأخذ من قلوب الناس وعقولهم موقعا قويا.
ولذلك نجد أن المنع يتركز على الصحابة إلى حد (الحبس) والتهديد والتبعيد والجبر على الإقامة بالمدينة وعدم الخروج منها.
كما أن المنع لم يختص بالتدوين، بل منع عن رواية الحديث ونقله، أو خصص الجواز بتقليله، أو خصص بأحاديث الأعمال من الصلاة والصوم والحج من الفرائض والسنن، دون غيرها من أحاديث الفضائل وأيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.