فإن هذا لا يستدعي وجوب كتابته، إذا كان محفوظا في الصدور كما لا تستدعي أهمية السنة وسائر الأدلة وجوب أن تكتب حسب دعواهم.
ثم إن بناء الشريعة على السنة ليس بأقل أهمية من بنائها على القرآن، فالسنة هي المبينة له والشارحة لمراده، وتحتوي على تفصيل الشريعة مما أجمل فيه، حتى قيل: إن القرآن أحوج إلى السنة، منها إليه (1).
فلو كانت المحافظة على الشريعة من خلال القرآن داعية إلى كتابته، فهي بنفس الملاك تستدعي كتابة السنة لاحتوائها على أكثر الشريعة.
فكيف ينهى عن كتابتها وتدوينها؟!
وأما التعبد بلفظ القرآن في التلاوة، دون السنة:
فإن ذلك أدعى إلى إيجاب حفظه، وتلقيه بالسماع والقراءة بالمشافهة، وأبعد من استلزام كتابته المعرضة للتصحيف! فمن الغريب أن تجعل التلاوة من دواعي الكتابة!
وأما التفرقة بين كتابة القرآن وكتابة السنة في الحكم: باعتبار حجم كل منهما، وأن القرآن صغير فكتابته لازمة، والسنة كبيرة الحجم فلا تكتب.
فهي غريبة جدا، لأن النص الصغير يكون حفظه أسهل وضبطه في الحافظة أسرع، فلا يكون صغر حجمه أدعى إلى كتابته، من حفظه،