وهذا في نفسه سبب للتشكيك في شرعية إجراء المنع، وكذلك في ما نقل بعد ذلك من أحاديث مرفوعة يستدل بها على المنع.
وسيأتي تفصيل لهذا الأمر.
2 - أن التوجه إلى منع التدوين، وبذلك الأسلوب، يوحي إلى الإنسان عملية التدوين كان لها شأن بليغ، وأنها كانت قائمة على قدم وساق، بحيث استدعى تنفيذ المنع القيام بتلك المبادرات الشديدة من الحكام.
بل أحاديث المنع ورواياته فيها ما يدل بوضوح على وقوع التدوين بشكل واسع، قبل التعرض لعملية المنع.
قد قال الدكتور فؤاد سزكين - بعد أن ذكر بعض روايات المنع -:
إنا نتبين - من الخبرين النافيين - اهتماما بالتدوين في وقت مبكر، للغاية (1).
ويقول في الجواب عن: متى ظهر التحرج من كتابة الحديث؟
ما نصه: ليس هناك ما يمنع من افتراض كون الصحابة والتابعين قد أرادوا المحافظة على أقوال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وما روي عنه، فقاموا بتدوينها خوفا عليها من الضياع.
وهل يجوز أن تترك أقوال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لمصادفات الحفظ في الصدور، في مجتمع كانت الأقوال المأثورة للبشر العاديين تحفظ بالتدوين؟؟