مشروعيته، لأن جمهور المسلمين من كل الطوائف - متفقون على حجية الحديث الشريف وقدسيته، والالتزام بما تؤديه ألفاظه وعباراته، فلو كان منع التدوين يقتضي عدم حجية ألفاظ الحديث، فهو يتنافى وهذا الأمر المتفق عليه، والمتسالم بين علماء الإسلام عليه، فلا بد أن يكون المنع باطلا وغير شرعي، لا أن يخدش بسببه اعتبار الحديث الشريف وقدسيته.
فمع هذه الكثرة في عدد الصحابة الذين كتبوا الحديث - سواء الذين كتبوه في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أم بعد ذلك - ومع هذه الوفرة من الصحف، والكتب، والمدونات المأثورة عنهم - التي لا يزال قسم منها متوفرا حتى عصرنا -.
فكيف يجوز التقول على الصحابة بأنهم لم يكتبوا الحديث الشريف؟ أولم يدونوا السنة؟
والاستناد في هذا التقول إلى مجرد نهي عمر ومنعه عن التدوين لا يكون صحيحا إطلاقا، فمن الواضح أن الفعل الذي قام به ذلك العدد الكبير من الصحابة، وهو مباشرتهم لتدوين الحديث، هو عمل لا يدخله أي تأويل أو تشكيك، ولا حكم له إلا الجواز، إبعادا لعمل أولئك الكرام من فعل الحرام.
وأما المنع الذي أقدم عليه عمر، فإنه - على فرض حمله على الصحة - لا يعدو أن يكون عملا خاصا من عمر، لم يوافقه عليه عامة الصحابة، وهو ترك يحتمل التعليل والتبرير، سواء كانت تبريراته موجهة أم لا؟ (1).