على النفس وسلب الأموال، غير أنه يلحقه بعض الضرر وتحمل بعض الأثقال، فالأولى له أن يتحمل ذلك، ولا يتعرض لعمل السلطان.
فإن خاف من الامتناع من ذلك على النفس أو على الأهل أو على المال أو على بعض المؤمنين في ذلك، جاز له أن يتولى الأمر، ويجتهد أن يضع الأشياء مواضعها. فإن لم يتمكن من الجميع، فما يتمكن منه يجتهد في القيام به. وإن لم يمكنه ذلك ظاهرا، فعله سرا وإخفاتا، وخاصة ما يتعلق بقضاء حقوق الإخوان والتخفيف عنهم فيما يلزمهم من جهة السلاطين الجورة من الخراج وغيره. فإن لم يتمكن من إقامة حق على وجه، والحال وصفناه في التقية، جاز له أن يتقي في جميع الأحكام والأمور، ما لم يبلغ ذلك إلى سفك الدماء المحرمة، فإنه لا تقية له في سفكها على حال.
ومتى ما تولى شيئا من أمور السلطان من الإمارة والجباية والقضاء وغير ذلك من أنواع الولايات، فلا بأس أن يقبل على ذلك الأرزاق والجوائز والصلات. فإن كان ذلك من جهة سلطان عادل، كان ذلك حلالا له طلقا. وإن كان من جهة سلطان الجور، فقد رخص له في قبول ذلك من جهتهم، لأن له حظا في بيت المال.
ويجتهد أن يخرج من جميع ما يحصل له من جهتهم