وقد نجم في ظل العراك الفكري بين العلويين والأمويين منهجان في مجال المعارف كل يحمل شعارا، فشيعة الإمام وأهل بيته، يحملون شعار التنزيه والاختيار، والأمويون وشيعتهم يحملون شعار التشبيه والجبر وقد اشتهر من زمان قديم قولهم:
" العدل والتنزيه علويان " " الجبر والتشبيه أمويان " فصارت النتيجة في النهاية أن كل محدث متزلف إلى البيت الأموي يحشد أخبار التجسيم والجبر، بلا مبالاة واكتراث، لكن الواعين من أمة محمد الموالين لأهل بيته، يتجنبون عن نقل تلك الإثارة.
قال الرازي في تفسير قوله: * (ليس كمثله شئ) *: احتج علماء التوحيد قديما وحديثا بهذه الآية على نفي كونه جسما مركبا من الأعضاء والأجزاء، حاصلا في المكان والجهة قالوا: لو كان جسما لكان مثلا لسائر الأجسام فيلزم حصول الأمثال والأشياء وذلك باطل بصريح قوله تعالى: * (ليس كمثله شئ) * - إلى أن قال: - واعلم أن محمد بن إسحاق بن خزيمة أورد استدلال أصحابنا بهذه الآية في الكتاب الذي سماه بالتوحيد، وهو في الحقيقة كتاب الشرك، واعترض عليها، وأنا أذكر حاصل كلامه بعد حذف التطويلات، لأنه كان رجلا مضطرب الكلام، قليل الفهم، ناقص العقل، فقال: " نحن نثبت لله وجها ونقول: إن لوجه ربنا من النور والضياء والبهاء، ما لو كشف حجابه لأحرقت سبحات وجهه كل شئ أدركه بصره، ووجه ربنا منفي عنه الهلاك والفناء، ونقول: إن لبني آدم وجوها كتب الله عليها الهلاك والفناء، ونفى عنها الجلال والإكرام، غير موصوفة بالنور والضياء والبهاء، ولو كان مجرد إثبات الوجه لله يقتضي التشبيه لكان من قال: إن لبني آدم وجوها وللخنازير والقردة والكلاب وجوها، لكان قد شبه وجوه بني آدم بوجوه الخنازير والقردة والكلاب، ثم قال: ولا شك أنه اعتقاد الجهمية لأنه لو قيل له: